مع بداية موسم الامتحانات، يتحول البيت إلى ساحة توتر، والقلوب إلى ساعات مترقبة، تنتظر نتائج الورقة الأخيرة كما لو كانت نتائج مصيرية، ومع كل عام، يزداد الخوف، ويكبر الضغط، حتى بات بعض الأبناء يقعون ضحية لهذا الثقل النفسي.
هل النجاح الدراسي يستحق هذا الثمن ؟ هل نُقايض صحة أبنائنا النفسية بورقة امتحان ؟ هذا المقال يسلط الضوء على واقع لا يمكن تجاهله، ويضع بين يديك خريطة طريق بسيطة وعملية لتكون درعا يحمي أبناءك من الانهيار، ويعيد إليهم الثقة بالنفس.
في مدينة آسفي، وقعت قبل سنوات حادثة مأساوية خلال امتحانات البكالوريا، حيث أقدمت طالبة تبلغ من العمر 17 عاما على الانتحار بعد ضبطها في حالة غش خلال الامتحان، بعد طردها من القاعة، توجهت إلى كورنيش المدينة وألقت بنفسها من أعلى صخرة، مما أدى إلى وفاتها، تاركة رسالة صوتية تطلب فيها من أسرتها المسامحة والدعاء لها بالرحمة، معبرة عن خوفها من العقوبات المنتظرة بعد ضبطها في حالة غش.
وفي تطوان ومرتيل، شهدت هاتان المدينتان قبل أعوام حوادث مشابهة، حيث أقدمت تلميذتان على الانتحار بعد الإعلان عن نتائج امتحانات البكالوريا، في مرتيل، ألقت فتاة تبلغ من العمر 18 عاما بنفسها من الطابق العلوي لعمارة سكنية، مما أدى إلى وفاتها في الحال، وفي تطوان، وضعت تلميذة حدا لحياتها بإلقاء نفسها من شقة أسرتها، ورجحت المصادر أن يكون سبب انتحارهما راجعا إلى تدهور حالتهما النفسية مباشرة بعد اجتيازهما للامتحانات.
هذه الحوادث المؤلمة تسلط الضوء على ظاهرة دخيلة على المجتمع المغربي، ظاهرة الانتحار بين التلاميذ، التي لم تكن مألوفة في بيئة اتسمت دوما بالتضامن والتماسك الاجتماعي.
تزامنا مع الامتحانات النهائية، تتزايد الضغوط النفسية على التلاميذ في مختلف أنحاء المغرب، حتى باتت ظاهرة الانتحار بسبب الفشل الدراسي تطل برأسها، كناقوس خطر يجب التنبه إليه، هذه الظاهرة الدخيلة تحتم علينا جميعا، كأولياء أمور ومربين ومؤسسات، أن نتعامل بوعي وحكمة لتجنيب أبنائنا الانزلاق نحو هذه المآسي.
من المهم أن نُذكر أبناءنا أن الامتحانات ليست معركة حياة أو موت، بل فرصة للتعلم والتطور، يجب علينا تشجيعهم على بذل جهدهم دون تحميلهم ضغوطا نفسية مفرطة، كما ينبغي توجيه الأبناء إلى التفكير الإيجابي وتقدير أنفسهم بعيدا عن المقارنات مع الآخرين، مع التأكيد على أن قيمتهم لا تقاس بنتيجة امتحان.
عندما تعلن نتائج الامتحانات، يجب على الأسر أن تكون نموذجا للحكمة والاحتواء، فبدلا من تضخيم أهمية الدرجات أو المقارنة مع الآخرين، ينبغي التركيز على تشجيع الأبناء وطمأنتهم بأن النتيجة ليست مقياسا وحيدا لقيمتهم أو مستقبلهم.
من المهم مناقشة الدروس المستفادة من التجربة، وتعزيز روح المثابرة والتعلم من الأخطاء، كما يمكن لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي أن يساهموا بنشر قصص ملهمة عن الصبر والتفاؤل ومواجهة الفشل، بدلا من نشر السخرية أو المقارنات السلبية، بهذه الطريقة، نستطيع معا أن نحمي أبناءنا من الانزلاق نحو الضغوط النفسية الحادة، وأن نزرع فيهم الثقة بأن الفرص كثيرة أمامهم مهما كانت نتائج الامتحان.
تطوان بوست | عزيز يشو




